الآية
قال تعالى في كتابه العزيز
هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (2) وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (3)
سورة الجمعة
المعنى
اللهُ سبحانه وتعالى يُخبرنا في هذه الآيةِ أنه أرسلَ نبيَّهُ من (الأميين) أي على عادةِ قومِه الذين يغلبُ عليهم عدم ممارسةُ الكتابة والقراءة، فهو من هؤلاء لكنه مرسل إلى كافة الناس.
فوصفُهُ ﷺ ((بالأُميِّ)) مدحٌ له صلوات الله وسلامه عليه الذي لا يقرأُ ولا يكتبُ وأُنزل عليه كتاباً عجزَ المُتحدّونَ له على الإتيان بحرفٍ من مثلِه.
وفي هذا دليلٌ على معجزته لأنه لو كان يقرأ ويكتب لقالوا: هذا حصيلةُ ما كان يقرأ من الكتب واقتباسٌ منها.
وزعم بعضهم: أن وصفَ النبيِّ ﷺ بالأميِّ بمعنى (أنه لا يقرأُ المكتوبَ ولا يكتب) إجحافٌ في حقِّ نبينا الكريم، وأن المراد بالأُميّ -على زعمهم- هو نسبة إلى مكة أم القرى، وكلام أهل التفسير وأهل اللغة يرد كذلك على زعمهم الباطل:
- قال ابن عطية: “الأميين: يراد بهم العرب، والأمي في اللغة الذي لا يكتب ولا يقرأ كتاباً.”
- قال القرطبي: “قال ابن عباس: الأميون العرب كلهم، من كتب منهم ومن لم يكتب، لأنهم لم يكونوا أهل كتاب، وقيل: الأميون الذين لا يكتبون. وكذلك كانت قريش”
- قال اللغوي الراغب الأصفهاني: “والأُمِّيُّ: هو الذي لا يكتب ولا يقرأ من كتاب، وعليه حمل: (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ)”
- قال الفرّاء: هم العرب الذين لم يكن لهم كتاب، (والنَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ) قيل : منسوب إلى الأمّة الذين لم يكتبوا ، لكونه على عادتهم كقولك : عامّي ، لكونه على عادة العامّة، وقيل: سمي بذلك لأنه لم يكن يكتب ولا يقرأ من كتاب ، وذلك فضيلة له لاستغنائه بحفظه واعتماده على ضمان الله له بقوله : ﴿سنُقرِئُك فلا تَنسى﴾”
تنبيه
ليس في هذا الكلام أي مسوّغ لأحدهم لترك تعلم الكتابة بدعوى الاقتداء بالنبي ﷺ لأن وصفه عليه الصلاة والسلام بالأميّ مدحٌ له ونقصٌ في حقِّ غيره إن وصف به فالنبي ﷺ حثّ قومه على تعلم الكتابة.