ذكر ما جاء في إخراج سيدنا جبريل ماءَ زمزم لأم إسماعيل

أول ظهور زمزم _ قصة هاجر والتوكل العظيم على الله

بِسمِ اللهِ الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ

الحَمدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللهِ، أَمَّا بَعدُ:

المقدمة

إِنَّ مَاءَ زَمزَمَ لَيسَت مُجَرَّدَ عَينٍ تَنبُعُ مِنهَا المَاءُ، إِنَّمَا تُذْكَرُ ضِمْنَ قِصَّةِ إِيمَانٍ حَقِيقِيٍّ، وَهُوَ دَلِيلٌ مَادِّيٌّ مَلمُوسٌ لِكُلِّ مَنْ أَرَادَ العِبرَةَ وَطَلَبَ القُدوَةَ فِي التَّوَكُّلِ عَلى اللهِ وَحُسنِ الظَّنِّ بِهِ عَزَّّ وَجَلَّ.

ذكر ترك إبراهيم عليه السلام سارة وابنها إسماعيل 

أَقبَلَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَام بِهَاجَرَ وَابْنِهَا إِسْمَاعِيلَ، وَهُوَ رَضِيعٌ، حَتَّى قَدِمَ بِهِمَا مَكَّةَ، وَهِيَ يَومَئِذٍ وَادٍ لَا مَاءَ فِيهِ وَلَا زَرعَ، وَمَعَ أُمِّ إِسْمَاعِيلَ شَنَّةٌ (أَيْ قِرْبَةُ مَاءٍ) فِيهَا مَاءٌ تَشرَبُ مِنْهُ وَتَصُبُّ عَلَى ابْنِهَا وَتَسْقِيهِ، وَلَيْسَ مَعهَا زَادٌ. وَفِي رِوَايَة: وَمَعَهَا جِرَابٌ فِيهِ تَمرٌ وَسِقَاءٌ فِيهِ مَاءٌ، وَلَيْسَ بِمَكَّةَ أَحَدٌ.

ثُمَّ تَوَجَّهَ إِبْرَاهِيمُ خَارِجًا عَلَى دَابَّتِهِ، فَتَبِعَتهُ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ، وَقَالَت لَهُ: أَيْن تَذْهَبُ وَتَترُكُنَا بِهَذَا الْوَادِي الَّذِي لَيْسَ فِيهِ أَنِيسٌ وَلَا شَيْءٌ؟ فَقَالَت لَهُ ذَلِك مِرَارًا، وَجَعَلَ لَا يَلْتَفِتُ إِلَيْهَا، فَقَالَت: آللَّهُ أَمَرَكَ بِهَذَا؟ قَالَ: نَعَم، قَالَت: إِذَن لَا يُضَيِّعُنَا، ثُمَّ رَجَعَت تَحمِلُ ابْنَهَا.

ذكر دعاء إبراهيم 

انْطَلَقَ إِبْرَاهِيمُ حَتَّى إِذا كَانَ عِنْدَ الثَّنِيَّةِ بِحَيثُ لَا يَرَونَهُ، وَلَا بِنَاءَ وَلَا ظِلَّ وَلَا شَيءَ يَحُولُ بَينَهُ وَبَينَ ابنِهِ، فَنَظَرَ إِليهِ فَأَدرَكَهَ مَا يُدرِكُ الوَالِدَ مِنَ الرَّحمَةِ، وَاسْتَقْبَلَ بِوَجْهِهِ الْبَيْتَ، ثمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ وَدَعَا بِهَؤُلَاءِ الدَّعْوَاتِ: ﴿رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ﴾ [سورة إبراهيم: ٣٧].

ذكر فناء زاد هاجر وبحثها عن مغيث

جَعَلَت أُمُ إِسْمَاعِيلَ تُرْضِعُ إِسْمَاعِيلَ حَتَّى فَنِيَ المَاءُ الذِي مَعَهَا، فَعَطِشَت وانْقَطَعَ لَبَنُهَا، فَجَاعَ ابْنُهَا وَاشْتَدَّ جُوعُهُ حَتَّى نَظَرَت إِلَيْهِ أُمُّهُ يَتَلَوَّى، فَخَشِيَت أُمُّ إِسْمَاعِيلَ أَن يَمُوتَ، فَقَالَت: يَمُوتُ وَأَنَا غَائِبَةٌ عَنهُ أَهوَنُ عَلَيَّ، وَعَسَى اللهُ أَن يَجعَلَ فِي مَمشَايَ خَيرًا، فَوَجَدَتِ الصَّفَا أَقرَبَ جَبَلٍ فِي الأَرْضِ يَلِيهَا، فَقَامَتْ عَلَيْهِ، وَالوَادِي يَومَئِذٍ عَمِيقٌ، فَقَامَت تَستَغِيثُ رَبَّهَا وَتَدعُوهُ، فَاستَقبَلَتِ الْوَادِيَ تَنظُرُ هَل تَرَى أَحَدًا، فَلَم تَرَ أَحَدًا، فَهَبَطَت مِنَ الصَّفَا حَتَّى جَاوَزَتِ الوَادِيَ، ثُمَّ أَتَتِ المَروَةَ فَقَامَت عَلَيهَا. وَنَظَرَت هَل تَرَ أَحَدًا، فَفَعَلَت ذَلِكَ سَبعَ مَرَّاتٍ، فَلِذَلِكَ شُرِعَ السَّعْيَ بَينَهمَا سَبعًا.

ظهور جبريل عليه السلام وَنَبْعُ ماء زمزم

لَمَّا أَشرَفَت عَلَى المَرْوَةِ سَمِعَت صَوتًا، فَقَالَت: صَه (وَهِيَ كلمةُ زَجْر تُقَال عِنْدَ الإسْكَات)، تُرِيدُ نَفسَهَا، ثُمَّ تَسَمَّعَت فَسَمِعَت أَيْضًا، فَقَالَت: إِنِّي سَمِعتُ صَوتَكَ فَأَعجَبَنِي، إِن كَانَ عِندَكَ خَيرٌ فَأَغِثنِي، فَإِنِّي قَد هَلَكتُ وَهَلَكَ مَا عِندِي، فَخَرَجَ لَهَا جِبْرِيلُ فَاتَّبَعَتهُ حَتَّى وَصَلَ عِنْدَ زَمْزَمَ، فَضَرَبَ بِعَقِبِهِ أَو بِجَنَاحِهِ حَتَّى ظَهَرَ المَاءُ، فَصَارَت تَجمَعُ المَاءَ بِيَدِهَا وَتَزُمُّهُ زَمًّا (أَيْ وَتَجمَعُهُ حَتَّى لَا يَندَثِرَ)، وَتَغرِفُ مِنَ المَاءِ فِي سِقَائِهَا وَهُوَ يَفُورُ بَعدَ مَا تَغرِفُ، فَشَرِبَت وَأَرضَعَت وَلَدَهَا، وَقَالَ لَهَا جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَام: «لَا تَخَافِي الضَّيْعَةَ، فَإِنَّ هَا هُنَا بَيتَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ يَبنِيهِ هَذَا الْغُلَامُ وَأَبوهُ، وَإِنَّ اللهَ تَعَالَى لَا يُضَيِّعُ أَهَلَهُ». وَفِي الحَدِيثِ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «يَرحَمُ اللهُ أُمَّ إِسْمَاعِيلَ لَو تَرَكَت زَمْزَمَ أَو قَالَ: لَو لَم تَغرِف مِنَ المَاءِ لَكَانَتْ عَينًا مَعِينًا»

تنبيه: فِعلُ إِبراهيم بتركه أهله كان بوحي من الله

قَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ: “إِبْرَاهِيمُ فَعَلَ ذَلِكَ بِأَمْرِ اللهِ تَعَالَى؛ لِقَوْلِهَا فِي الحَدِيثِ: آللَّهُ أَمَرَكَ بِهَذَا؟ قَالَ: نَعَم. وَقَد رُوِيَ أَنَّ سَارَةَ لَمَّا غَارَت مِن هَاجَرَ بَعدَ أَن وَلَدَت إِسْمَاعِيلَ خَرَجَ بِهَا إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَى مَكَّةَ، فَرُوِيَ أَنَّهُ رَكِبَ الْبُرَاقَ هُوَ وَهَاجَرُ وَالطِّفلُ، فَجَاءَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ مِنَ الشَّامِ إِلَى مَكَّةَ، وَأَنزَلَ ابْنَهُ وَأُمَّهُ هُنَاكَ وَرَكِبَ مُنصَرِفًا مِن يَوْمِهِ، وَكَانَ ذَلِك كُلُّهُ بِوَحْيٍ مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَلَمَّا وَلَّى دَعَا”. انْتهى كَلَامُه.

قدوم جرهم عليهما واستئناسهما بهم 

بَيْنَمَا هَاجَرُ وَابْنُهَا كَذَلِكَ إِذْ مَرَّ رَكبٌ مِن جُرهُمٍ قَافِلِينَ مِنَ الشَّامِ فِي الطَّرِيقِ السُّفلِيِّ، فَرَأَى الرَّكبُ الطَّيرَ عَلى المَاءِ، فَقَالَ بَعضُهُم: مَا كَانَ بِهَذَا الْوَادِي مِن مَاءٍ وَلَا أَنِيسٍ، فَأَرسَلُوا اثنَينِ حَتَّى أَتَيَا أُمَّ إِسْمَاعِيلَ فَكَلَّمَاهَا، ثُمَّ رَجَعَا إِلَى رَكبِهِمَا فَأَخبَرَاهُم بِمَكَانِهَا، فَرَجَعَ الرَّكبُ كُلُّهُم حَتَّى حَيَّوهَا فَرَدَّتْ عَلَيْهِم، وَقَالُوا: لِمَن هَذَا المَاءُ؟ قَالَت أم إِسْمَاعِيلَ: هُوَ لِي، قَالُوا: أَتَأْذَنِينَ لَنَا أَن نَسكُنَ مَعَكِ؟ قَالَت: نَعَم. قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «فَأَلْفَى ذَلِكَ أُمَّ إِسْمَاعِيلَ وَهْيَ تُحِبُّ الْأُنْسَ» (قَالَ ابنُ حَجَرٍ: قَوْلُهُ: (‌فَأَلْفَى ‌ذَلِكَ) بِالْفَاءِ أَيْ وَجَدَ (أُمَّ إِسْمَاعِيلَ) بِالنَّصْبِ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ (وَهِيَ تُحِبُّ الْأُنْسَ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ ضِدَّ الْوَحْشَةِ، وَيَجُوزُ الْكَسْرُ أَيْ تُحِبُّ جِنْسَهَا) فَنَزَلُوا وَأَرْسَلُوا إِلَى أَهْلِيهِمْ فَنَزَلُوا مَعَهُمْ.

نشأة إسماعيل بين جرهم وتزوجه منهم وقصة فيها عبرة

شَبَّ إِسمَاعِيلُ مَعَ جُرهُمَ وَتَعَلَّمَ الْعَرَبِيَّةَ مِنْهُمْ فَأَعْجَبَهُمْ حِينَ شَبَّ فَزَوَّجُوهُ امْرَأَةً مِنْهُمْ، وَمَاتَتْ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ، فَجَاءَ إِبْرَاهِيمُ بَعْدَمَا تَزَوَّجَ إِسْمَاعِيلُ يُطَالِعُ تَرِكَتَهُ، فَلَمْ يَجِدْ إِسْمَاعِيلَ، فَسَأَلَ امْرَأَتَهُ عَنْهُ فَقَالَتْ: خَرَجَ يَبْتَغِي لَنَا، ثُمَّ سَأَلَهَا عَنْ عَيْشِهِمْ وَهَيْئَتِهِمْ، فَقَالَتْ: نَحْنُ بِشَرٍّ، نَحْنُ فِي ضِيقٍ وَشِدَّةٍ، فَشَكَتْ إِلَيْهِ، قَالَ: فَإِذَا جَاءَ زَوْجُكِ فَقُولِي لَهُ يُغَيِّرْ عَتَبَةَ بَابِهِ.

فَلَمَّا جَاءَ إِسْمَاعِيلُ كَأَنَّهُ آنَسَ شَيْئًا، فَقَالَ: هَلْ جَاءَكُمْ مِنْ أَحَدٍ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، جَاءَنَا شَيْخٌ كَذَا وَكَذَا، فَسَأَلَنَا عَنْكَ فَأَخْبَرْتُهُ، وَسَأَلَنِي كَيْفَ عَيْشُنَا فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّا فِي جَهْدٍ وَشِدَّةٍ، قَالَ: فَهَلْ أَوْصَاكِ بِشَيْءٍ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ السَّلَامَ، وَيَقُولُ: غَيِّرْ عَتَبَةَ بَابِكَ، قَالَ ذَاكِ أَبِي، وَقَدْ أَمَرَنِي أَنْ أُفَارِقَكِ، الْحَقِي بِأَهْلِكِ، فَطَلَّقَهَا وَتَزَوَّجَ مِنْهُمْ أُخْرَى، فَلَبِثَ عَنْهُمْ إِبْرَاهِيمُ مَا شَاءَ اللهُ، ثُمَّ أَتَاهُمْ بَعْدُ فَلَمْ يَجِدْهُ، فَدَخَلَ عَلى امْرَأَتِهِ فَسَأَلَهَا عَنْهُ، فَقَالَتْ: خَرَجَ يَبْتَغِي لَنَا، قَالَ: كَيْفَ أَنْتُمْ؟ وَسَأَلَهَا عَنْ عَيْشِهِمْ وَهَيْئَتِهِمْ، فَقَالَتْ: نَحْنُ بِخَيْرٍ وَسَعَةٍ وَأَثْنَتْ عَلَى اللهِ. فَقَالَ: مَا طَعَامُكُمْ؟ قَالَتِ: اللَّحْمُ. قَالَ فَمَا شَرَابُكُمْ؟ قَالَتِ الْمَاءُ. قَالَ اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِي اللَّحْمِ وَالْمَاءِ. قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ يَوْمَئِذٍ حَبٌّ، وَلَوْ كَانَ لَهُمْ دَعَا لَهُمْ فِيهِ». قَالَ: فَإِذَا جَاءَ زَوْجُكِ فَمُرِيهِ يُثْبِتْ عَتَبَةَ بَابِهِ، فَلَمَّا جَاءَ إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: هَلْ أَتَاكُمْ مِنْ أَحَدٍ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، أَتَانَا شَيْخٌ حَسَنُ الْهَيْئَةِ وَأَثْنَتْ عَلَيْهِ، فَسَأَلَنِي عَنْكَ فَأَخْبَرْتُهُ، فَسَأَلَنِي كَيْفَ عَيْشُنَا فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّا بِخَيْرٍ، قَالَ: فَأَوْصَاكِ بِشَيْءٍ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، هُوَ يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلَامَ، وَيَأْمُرُكَ أَنْ تُثْبِتَ عَتَبَةَ بَابِكَ، قَالَ: ذَاكِ أَبِي، وَأَنْتِ الْعَتَبَةُ، أَمَرَنِي أَنْ أُمْسِكَكِ.

الخاتمة

تَبقَى زَمزَمُ شَاهِدًا عَلى تَوكُّلِ هَاجَرَ عَلى رَبِّهَا وَحُسنِ ظَنِّهَا بِهِ، إِذ أَذعَنَت لِأَمرِهِ تَعَالى وَانقَادَت لِمَشِيئَتِهِ قَائِلَةً: إِذَنْ لاَ يُضَيِّعُنَا، فَرَجَعَت وَاثِقَةً بِفَضلِ اللهِ تَعَالَى وَعِنَايَتِهِ بِهَا وَبِرَضِيعِهَا.

اللهم اجعَلنَا مُتَوَكِّلِينَ عَلَيكَ فِي المَصَائِبِ وَالبَلَايَا كَتَوَكُّلِ هَاجَرَ رَضِيَ الله عَنهَا.

المصادر

هَذِهِ المَسَائِلُ مَجمُوعَةٌ وَمُلَخَّصَةٌ مِنَ:

  • القُرءَانِ الكَرِيمِ.
  • السُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ.
  • صَحِيحِ البُخَارِيِّ.
  • صَحِيحِ مُسلِمٍ.
  • الرَّوضِ الأُنُفِ.
  • سُبُلِ الهُدَى وَالرَّشَادِ.
خطبة عيد الأضحى المبارك 2025 - 1446

خطبة عيد الأضحى المبارك 2025 – 1446

اللهُ أَكبَرُ، اللهُ أَكبَرُ، اللهُ أَكبَرُ، اللهُ أَكبَرُ، اللهُ أَكبَرُ، اللهُ أَكبَرُ، اللهُ أَكبَرُ، اللهُ أَكبَرُ، اللهُ أَكبَرُ…

ربما يعجبك أيضا

Total
0
Share