الإمام الكبير القاضي عياض المالكي رحمه الله تعالى

سيرة الإمام الكبير القاضي عياض المالكي رحمه الله تعالى

بِسمِ اللهِ الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ

الحَمدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللهِ، أَمَّا بَعدُ:

المقدمة

فِي نِهَايَةِ القَرنِ الخَامِسِ الهِجرِيِّ وَفِي سَنَةِ سِتٍّ وَسَبعِينَ وَأَربَعِمِائَةٍ عَلَى وَجهِ التَّحدِيدِ وُلِدَ مُؤَلِّفُ الشِّفَاءِ القَاضِي الكَبِيرُ وَالمُحَدِّثُ الجَلِيلُ وَالأَدِيبُ الفَقِيهُ عِيَاضُ بنُ مُوسَى بنِ عِيَاضِ بنِ عَمرِو بنِ مُوسَى بنِ عِيَاضٍ اليَحصُبِيُّ السَّبتِيُّ الغَرنَاطِيُّ المَالِكِيُّ.

لَقَد كَانَ هَذَا القَرنُ عَصرَ ازدِهَارِ العُلُومِ وَالفُنُونِ فِي بِلَادِ الأَندَلُسِ الَّتِي بَدَأَت تُنَافِسُ المَشرِقَ بِالفَخرِ العِلمِيِّ وَبِالمَجهُودِ الأَدَبِيِّ الَّذِي كَانَ بِلَاطُ الخُلَفَاءِ يَزدَهِرُ بِغَرسِهِ وَنِتَاجِهِ.

اسمه ونسبه رحمه الله

الإِمَامُ العَلَّامَةُ الحَافِظُ الأَوحَدُ شَيخُ الإِسلَامِ القَاضِي أَبُو الفَضلِ عِيَاضُ بنُ مُوسَى بنِ عِيَاضِ بنِ عَمرِو بنِ مُوسَى بنِ عِيَاضٍ اليَحصُبِيُّ الأَندَلُسِيُّ ثُمَّ السَّبتِيُّ المَالِكِيُّ، وُلِدَ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَسَبعِينَ وَأَربَعِمِائَةٍ فِي بَلدَةِ سَبتَةَ، وَكَانَ قَد جَاءَ أَجدَادُهُ مِنَ الأَندَلُسِ إِلَى فَاسٍ، ثُمَّ سَكَنَ سَبتَةَ، وَيَعُودُ أَصلُهُ رَحِمَهُ اللهُ إِلَى يَحصُبَ بنِ مَالِكٍ أَبِي قَبِيلَةٍ بِاليَمَنِ، فَهُوَ رَحِمَهُ اللهُ عَرَبِيُّ الأَصلِ.

نشأته رحمه الله

لَم يَحمِلِ القَاضِي العِلمَ مِنَ الصِّغَرِ، وَأَوَّلُ شَيءٍ أَخَذَ عَنِ الحَافِظِ أَبِي عَلِيٍّ الغَسَّانِيِّ إِجَازَةٌ مُجَرَّدَةٌ، وَكَانَ يُمكِنُهُ السَّمَاعُ مِنهُ، فَإِنَّهُ لَحِقَ مِن حَيَاتِهِ اثنَينِ وَعِشرِينَ عَامًا.

رَحَلَ إِلَى الأَندَلُسِ سَنَةَ بِضعٍ وَخَمسِمِائَةٍ، وَرَوَى عَنِ القَاضِي أَبِي عَلِيِّ بنِ سُكَّرَةَ الصَّدَفِيِّ وَلَازَمَهُ، وَعَن أَبِي بَحرِ بنِ العَاصِ، وَمُحَمَّدِ بنِ حَمدِينِ، وَأَبِي الحُسَينِ سِرَاجٍ الصَّغِيرِ، وَأَبِي مُحَمَّدِ بنِ عَتَّابٍ، وَهِشَامِ بنِ أَحمَدَ، وَعِدَّةٍ غَيرِهِم، وَتَفَقَّهَ بِأَبِي عَبدِ اللهِ مُحَمَّدِ بنِ عِيسَى التَّمِيمِيِّ، وَالقَاضِي مُحَمَّدِ بنِ عَبدِ اللهِ المَسِيلِيِّ، قَالَ القَاضِي ابنُ خِلِّكَانَ: شُيُوخُ القَاضِي يُقَارِبُونَ المِائَةَ.

وَحَازَ مِنَ الرِّئَاسَةِ فِي بَلَدِهِ وَالرِّفعَةِ مَا لَم يَصِل إِلَيهِ أَحَدٌ قَطُّ مِن أَهلِ بَلَدِهِ، وَمَا زَادَهُ ذَلِكَ إِلَّا تَوَاضُعًا وَخَشيَةً للهِ تَعَالَى.

علمه رحمه الله

كَانَ القَاضِي أَبُو الفَضلِ إِمَامَ وَقتِهِ فِي الحَدِيثِ وَعُلُومِهِ وَجَمَعَ مِنَ الحَدِيثِ كَثِيرًا، وَلَهُ عِنَايَةٌ كَبِيرَةٌ بِهِ وَاهتِمَامٌ بِجَمعِهِ وَتَقيِيدِهِ، وَهُوَ مِن أَهلِ التَّفَنُّنِ فِي العِلمِ وَاليَقَظَةِ وَالفَهمِ.

وَكَانَ عَالِمًا بِالتَّفسِيرِ وَجَمِيعِ عُلُومِهِ، فَقِيهًا أُصُولِيًّا، عَالِمًا بِالنَّحوِ وَاللغَةِ وَكَلَامِ العَرَبِ وَأَيَّامِهِم وَأَنسَابِهِم، بَصِيرًا بِالأَحكَامِ، عَاقِدًا للشُّرُوطِ، حَافِظًا لِمَذهَبِ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى، شَاعِرًا مَجِيدًا، خَطِيبًا بَلِيغًا، صَبُورًا حَلِيمًا جَمِيلَ العِشرَةِ، جَوَادًا سَمحًا كَثِيرَ الصَّدَقَةِ، دَؤُوبًا عَلَى العَمَلِ، صَلبًا فِي الحَقِّ، وَلَهُ النَّثرُ الحَسَنُ، وَالنَّظمُ البَدِيعِ، وَالفَهمِ الثَّاقِبِ، وَالذَّكَاءِ السَّرِيعِ، وَهُوَ أَحَدُ الحُفَّاظِ الثِّقَاتِ، وَالأَعلَامِ الأَثبَاتِ، وَكَانَ مِمَّنِ اعتَنَى بِالتَّصنِيفِ، وَالجَمعِ الفَائِقِ وَالتَّألِيفِ، فَجَمَعَ وَأَلَّفَ وَسَارَت بِتَصَانِيفِهِ الرُّكبَانُ وَاشتَهَرَ اسمُهُ فِي الآفَاقِ.

قَالَ خَلَفُ بنُ بَشكوَالَ: هُوَ مِن أَهلِ العِلمِ وَالتَّفَنُّنِ وَالذَّكَاءِ وَالفَهمِ، وَلِيَ القَضَاءَ بِسَبتَةَ مُدَّةً طَوِيلَةً حُمِدَت سِيرَتُهُ فِيهَا، ثُمَّ نُقِلَ عَنهَا إِلَى قَضَاءِ غَرنَاطَةَ فَلَم يَطُل مُقَامُهُ بِهَا، وَقَدِمَ عَلَينَا قُرطُبَةَ، فَأَخَذنَا عَنهُ.

وَقَالَ الفَقِيهُ مُحَمَّدُ بنُ حَمَادَةَ السَّبتِيُّ: جَلَسَ القَاضِي للمُنَاظَرَةِ وَلَهَ نَحوٌ مِن ثَمَانٍ وَعِشرِينَ سَنَةً، وَوَلِيَ القَضَاءَ وَلَهُ خَمسٌ وَثَلَاثُونَ سَنَةً، كَانَ هَيِّنًا مِن غَيرِ ضَعفٍ، صَلِيبًا فِي الحَقِّ، تَفَقَّهَ عَلَى أَبِي عَبدِ اللهِ التَّمِيمِيِّ، وَصَحِبَ أَبَا إِسحَاقَ بنَ جَعفَرٍ الفَقِيهَ.

قَالَ القَاضِي شَمسُ الدِّينِ فِي وَفِيَّاتِ الأَعيَانِ: هُوَ إِمَامُ الحَدِيثِ فِي وَقتِهِ، وَأَعرَفُ النَّاسِ بِعُلُومِهِ وَبِالنَّحوِ وَاللغَةِ وَكَلَامِ العَرَبِ وَأَيَّامِهِم وَأَنسَابِهِم.

وَقَد حَدَّثَ عَنهُ خَلقٌ مِنَ العُلَمَاءِ، مِنهُمُ: الإِمَامُ عَبدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ الأَشِيرِيُّ، وَأَبُو جَعفَرٍ بنُ القَصِيرِ الغَرنَاطِيِّ، وَالحَافِظُ خَلَفُ بنُ بَشكوَالٍ، وَأَبُو مُحَمَّدِ بنِ عُبَيدِ اللهِ الحَجرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ الجَابِرِيُّ، وَوَلَدُهُ القَاضِي مُحَمَّدُ بنُ عِيَاضٍ قَاضِي دَانِيَةَ.

مصنفاته رحمه الله

لَم يَكُن أَحَدٌ بِسَبتَةَ فِي عَصرِهِ أَكثَرَ تَآلِيفًا مِن تَآلِيفِهِ، وَلَهُ كِتَابُ (الشِّفَا فِي شَرَفِ المُصطَفَى)، وَكِتَابُ (تَرتِيبِ المَدَارِكِ وَتَقرِيبِ المَسَالِكِ فِي ذِكرِ فُقَهَاءِ مَذهَبِ مَالِكٍ)، وَكِتَابُ (العَقِيدَةِ)، وَكِتَابُ (شَرحِ حَدِيثِ أُمِّ زَرعٍ)، وَكِتَابُ (جَامِعِ التَّارِيخِ) الَّذِي رَبَى عَلَى جَمِيعِ المُؤَلَّفَاتِ، جَمَعَ فِيهِ أَخبَارَ مُلُوكِ الأَندَلُسِ وَالمَغرِبِ، وَاستَوعَبَ فِيهِ أَخبَارَ سَبتَةَ وَعُلَمَائِهَا، وَلَهُ كِتَابُ (مَشَارِقِ الأَنوَارِ فِي اقتِفَاءِ صَحِيحِ الآثَارِ)، وَكِتَابُ (إِكمَالِ المُعلِمِ فِي شَرحِ صَحِيحِ مُسلِمٍ) كَمَّلَ بِهِ كِتَابَ (المُعلِمِ) للمَازِرِيِّ، وَكِتَابُ (مَشَارِقِ الأَنوَارِ) فِي تَفسِيرِ غَرِيبِ الحَدِيثِ، وَكِتَابُ (التَّنبِيهَاتِ) فِيهِ فَوَائِدُ وَغَرَائِبُ، وَكُلُّ تَآلِيفِهِ بَدِيعَةٌ، وَأَجَلُّهَا وَأَشرَفُهَا كِتَابُ (الشِّفَا)، وَاللهُ يُثِيبُهُ عَلَى حُسنِ قَصدِهِ وَيَنفَعُ بِـ(شِفَائِهِ) وَقَد فَعَلَ، وَلَهُ مِنَ المُؤَلَّفَاتِ الصِّغَارِ أَشيَاءُ لَم نَذكُرهَا عَدَّهَا بَعضُهُم ثَلَاثِينَ تَصنِيفًا.

كتاب الشفاء

إِنَّ مِن أَعظَمِ مَا خَطَّهُ القَاضِي هُوَ كِتَابَ الشِّفَاءِ، سَلَّمَ لَهُ أَكفَاؤُهُ كَفَاءَتَهُ فِيهِ، وَلَم يُنَازِعهُ أَحَدٌ فِي الِانفِرَادِ بِهِ، وَلَا أَنكَرُوا مَزِيَّةَ السَّبقِ إِلَيهِ، بَل تَشَوَّفُوا للوُقُوفِ عَلَيهِ، وَأَنصَفُوا فِي الِاستِفَادَةِ مِنهُ، وَحَمَلَهُ النَّاسُ عَنهُ، وَطَارَت نُسَخُهُ شَرقًا وَغَربًا، وَتَدَاوَلَتهُ أَيَادِي العُلَمَاءِ مِن كُلِّ أُمَّةٍ دَرسًا وَفَهمًا، فَلَم يَخلُ مِنهُ بَيتُ عَالِمٍ فَاضِلٍ أَو زَاهِدٍ كَرِيمٍ أَو مُحِبٍّ عَلَى مَحَبَّتِهِ مُقِيمٌ.

وَقَد ذَكَرَ ابنُ المُقرِي اليَمَنِيُّ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللهُ فِي دِيوَانِهِ أَنَّ كِتَابَ الشِّفَاءِ مِمَّا شُوهِدَت بَرَكَتُهُ، وَكَانَ قَدِ ابتُلِيَ بِمَرَضٍ فَقَرَأَهُ فَعَافَاهُ اللهُ مِنهُ، وَقَالَ فِي ذَلِكَ:

مَا بِالكِتَابِ هَوَايَ وَلَكِنَّ الهَوَى
أَمسَى بِمَا أَمسَى بِهِ مَكتُوبًا

كَالدُّورِ يَهوَى العَاشِقُونَ بِذِكرِهَا
شَغَفًا بِهَا لِشُمُولِهَا المَحبُوبَا

أَرجُو الشِّفَاءَ تَفَاؤُلًا بِاسمِ الشِّفَا
فَحَوَى الشِّفَاءُ وَأَدرَكَ المَطلُوبَا

وَبِقَدرِ حُسنِ الظَّنِّ يَنتَفِعُ الفَتَى
لَا سِيَّمَا ظَنٌّ يَصِيرُ مُجِيبًا

وَقَالَ الإِمَامُ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ الكَمَالِ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ التَّمِيمِيُّ الهَمدَانِيُّ الشَّافِعِيُّ لِنَفسِهِ فِي سَنَةِ أَربَعٍ وَأَربَعِينَ وَسَبعِمِائَةٍ بِجَامِعِ عَمرِو بنِ العَاصِ رَضِيَ اللهُ عَنهُ بِمِصرَ:

يَا رَبَّنَا بِالمُصطَفَى وَبِجَاهِهِ
قَسَمًا بِهِ مَا إِن يُرَدُّ دُعَاءُ

عَوِّض عِيَاضًا بِالرِّيَاضِ وَبِالرِّضَى
مَا إِن لَهُ إِلَّا الجِنَانُ جَزَاءُ

فَلَقَد شَفَى كُلَّ الصُّدُورِ شِفَاؤُهُ
وَكِتَابُهُ كَتَبَت بِهِ الحُسَدَاءُ

أَبهَى مِنَ الوَشيِ الرَّقِيمِ سُطُورُهُ
وَعَلَيهِ مِن نُورِ القَبُولِ بَهَاءُ

أَهدَى إِلَينَا الحُسنَ وَالحُسنَى بِهِ
وَنَعَم صِفَاتُ المُصطَفَى حَسنَاءُ

وَحَبَا بِمَا أَحيَى المَسَامِعَ ذِكرُهُ
وَلَكُم غَدًا بِالمُرتَضَى إِحيَاءُ

مَا زَادَ فَخرًا للنَّبِيِّ وَإِنَّمَا
ذِكرُ النَّبِيِّ وَسِيلَةٌ وَرَجَاءُ

فَليَهنَهُ إِدرَاكُ كُلِّ مُؤَمَّلٍ
وَليَهنَهُ بَعدَ الهَنَاءِ هَنَاءُ

يَا سَبتَةً فِيهَا العُلُومُ تَجَمَّعَت
مَا أَنتِ إِلَّا مَشرِقٌ وَضِيَاءُ

يَا قَاضِيًا بِالحَقِّ فِي أَحكَامِهِ
لَم يُنسَ عِندَ اللهِ مِنكَ قَضَاءُ

يَا مَالِكِيًّا مَالِكًا رُتَبَ العُلَا
بِجِنَانِ رِضوَانٍ لَدَيكَ عَلَاءُ

يَا مُنشِئًا مَدحَ الرَّسُولِ لَقَد أَبَى
الرَّحمَنُ أَن يُنسَى لَكَ الإِنشَاءُ

اللهُ مُعطِيكَ الجَوَائِزَ جَمَّةً
فَليَهنَكَ التَّنعِيمُ وَالنَّعمَاءُ

عقيدته رحمه الله

قوله رحمه الله في شرح حديث الجارية

كَانَ القَاضِي عِيَاضٌ أَشعَرِيَّ العَقِيدَةِ، امتَلَأَت كُتُبُهُ بِعِبَارَاتِ التَّنزِيهِ وَنَفيِ شَبَهِ المَخلُوقِينَ عَنِ اللهِ تَعَالَى، يُثبِتُ للهِ صِفَاتِ الكَمَالِ، وَيُعَظِّمُهُ بِعِبَارَاتِ الإِجلَالِ، فَهَا هُوَ فِي شَرحِهِ عَلَى صَحِيحِ مُسلِمٍ عِندَ شَرحِ حَدِيثِ الجَارِيَةِ يَقُولُ: إِنَّمَا أَرَادَ النَّبَيُّ ﷺ أَن يَطلُبَ دَلِيلًا عَلَى أَنَّهَا مُوَحِّدَةٌ، فَخَاطَبَهَا بِمَا يُفهِمُ قَصدَهُ، إِذ عَلَامَةُ المُوَحِّدِينَ التَّوَجُّهُ إِلَى السَّمَاءِ عِندَ الدُّعَاءِ وَطَلَبِ الحَوَائِجِ (لِأَنَّهَا قِبْلَةُ الدُّعَاءِ)، لِأَنَّ العَرَبَ الَّتِي تَعبُدُ الأَصنَامَ وَتَطلُبُ حَوَائِجَهَا مِنَ الأَصنَامِ (تَكُونُ أَصنَامُهَا فِي الأَرضِ)، وَالعَجَمُ مِنَ النِّيرَانِ (وَنِيرَانُهَا فِي الأَرضِ)، فَأَرَادَ ﷺ الكَشفَ عَن مُعتَقَدِهَا هَل هِيَ مِمَّن آمَنَ؟ فَأَشَارَت إِلَى السَّمَاءِ، وَهِيَ الجِهَةُ المَقصُودَةُ (أَيِ الْجِهَةُ الَّتِيْ تُقْصَدُ عِنْدَ الدُّعَاءِ لِأَنَّهَا قِبْلَةُ الدُّعَاءِ) عِندَ المُوَحِّدِينَ كَمَا ذَكَرنَا.

وَقِيلَ: إِنَّمَا السُّؤَالُ بِأَينَ هَاهُنَا سُؤَالٌ عَمَّا تَعتَقِدُهُ مِن جَلَالَةِ البَارِئِ سُبحَانَهُ وَعَظَمَتِهِ، وَإِشَارَتُهَا إِلَى السَّمَاءِ إِخبَارٌ عَن جَلَالَتِهِ تَعَالَى فِي نَفسِهَا، وَالسَّمَاءُ قِبلَةُ الدَّاعِينَ، كَمَا أَنَّ الكَعبَةَ قِبلَةُ المُصَلِّينَ، فَكَمَا لَم يَدُلَّ استِقبَالُ القِبلَةِ عَلَى أَنَّ اللهَ تَعَالَى فِيهَا، كَذَلِكَ لَم يَدُلَّ التَّوَجُّهُ إِلَى السَّمَاءِ وَالإِشَارَةُ إِلَى السَّمَاءِ عَلَى أَنَّ اللهَ سُبحَانَهُ فِيهَا.

قَالَ القَاضِي عِيَاضٌ: لَا خِلَافَ بَينَ المُسلِمِينَ قَاطِبَةً، مُحَدِّثِهِم وَفَقِيهِهِم وَمُتَكَلِّمِهِم وَمُقَلِّدِهِم وَنُظَّارِهِم، أَنَّ الظَّوَاهِرَ الوَارِدَةَ بِذِكرِ اللهُ فِي ‌السَّمَاءِ كَقَولِهِ تَعَالَى: ﴿أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ﴾، [سورة الملك: 16]، أَنَّهَا لَيسَت عَلَى ظَاهِِرِهَا، وَأَنَّهَا مُتَأَوَّلَةٌ عِندَ جَمِيعِهِم.

وَالمَسأَلَةُ بِالجُملَةِ – وَإِن تَسَاهَلَ فِي الكَلَامِ فِيهَا بَعضُ الأَشيَاخِ المُقتَدَى بِهِم مِنَ الطَّائِفَتَينِ – فَهِيَ مِن مَسَائِلِ التَّوحِيدِ، وَيَا لَيتَ شِعرِي مَا الَّذِي جَمَعَ آرَاءَ كَافَّةِ أَهلِ السُّنَّةِ وَالحَقِّ عَلَى تَصوِيبِ القَولِ بِوُجُوبِ الوُقُوفِ عَنِ التَّفَكُّرِ فِي الذَّاتِ كَمَا أُمِرُوا، وَسَكَتُوا لِحَيرَةِ العَقلِ هُنَاكَ وَسَلَّمُوا، وَأَطبَقُوا عَلَى تَحرِيمِ التَّكيِيفِ وَالتَّخيِيلِ وَالتَّشكِيلِ، وَأَنَّ ذَلِكَ مِن وُقُوفِهِم وَحَيرَتِهِم، غَيرَ شَكٍّ فِي الوُجُودِ أَو جَهلٍ بِالمَوجُودِ، وَغَيرَ قَادِحٍ فِي التَّوحِيدِ، بَل هُوَ حَقِيقَةٌ عِندَهُم.

مَعَ التَّمثِيلِ بِالآيَةِ الجَامِعَةِ للتَّنزِيهِ الكُلِّيِّ الَّذِي لَا يَصِحُّ فِي مَعقُولٍ سِوَاهُ مِن قَولِهِ تَعَالَى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾، [سورة الشورى: 11]، عِصمَةٌ لِمَن وَفَّقَهُ اللهُ وَهَدَاهُ.اهـ

وَهَذَا كَلَامٌ وَاضِحٌ صَرِيحٌ مِن هَذَا العَالِمِ الجَلِيلِ فِي تَنزِيهِ اللهِ عَنِ المَكَانِ وَالجِهَةِ وَالحَدِّ وَمَا لَا يَلِيقُ بِهِ مِن صِفَاتِ المَخلُوقِينَ.

قوله رحمه الله في التوسل

مِمَّا كَانَ يَعتَقِدُهُ القَاضِي عِيَاضٌ بِلَا شَكٍّ وَلَا رَيبٍ جَوَازُ التَّوَسُّلِ وَالتَّبَرُّكِ، فَقَد أَورَدَ فِي كِتَابِهِ الشِّفَا عِدَّةَ أَحَادِيثَ وَسَبَكَ عِدَّةَ عِبَارَاتٍ فِي جَوَازِ التَّوَسُّلِ حَيثُ قَالَ فِيهِ: نَاظَرَ أَبُو جَعفَرٍ (الخَلِيفَةُ) أَمِيرُ المُؤمِنِينَ مَالِكًا فِي مَسجِدِ رَسُولِ اللهِ ﷺ، فَقَالَ لَهُ مَالِكٌ: يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ لَا تَرفَع صَوتَكَ فِي هَذَا المَسجِدِ، فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى أَدَّبَ قَومًا فَقَالَ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ﴾، [سورة الحجرات: 2]، وَمَدَحَ قَومًا فَقَالَ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَىٰ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ﴾، [سورة الحجرات: 3]، وَذَمَّ قَومًا فَقَالَ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ﴾، [سورة الحجرات: 4]، وَإِنَّ حُرمَتَهُ مَيِّتًا كَحُرمَتِهِ حَيًّا، فَاستَكَانَ لَهَا أَبُو جَعفَرٍ وَقَالَ: يَا أَبَا عَبدِ اللهِ، ‌أَستَقبِلُ ‌القِبلَةَ ‌وَأَدعُو، أَم أَستَقبِلُ رَسُولَ اللهِ ﷺ، فَقَالَ: وَلِمَ تَصرِفُ وَجهَكَ عَنهُ وَهُوَ وَسِيلَتُكَ وَوَسِيلَةُ أَبِيكَ آدَمَ ﷺ إِلَى اللهِ تَعَالَى يَومَ القيامة!!، بَلِ استَقبِلهُ وَاستَشفِع بِهِ فَيُشَفِّعَهُ اللهُ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا﴾، [سورة النساء: 64].اهـ

قوله رحمه الله في التبرك

بَيَّنَ رَحِمَهُ اللهُ فِي كِتَابِهِ الشِّفَا أَيضًا جَوَازَ التَّبَرُّكِ بِالنَّبِيِّ ﷺ وَآثَارِهِ وَمَا مَسَّهُ، فَقَالَ فِي الشِّفَا: ‌وَمِن ‌إِعظَامِهِ وَإِكبَارِهِ إِعظَامُ جَمِيعِ أَسبَابِهِ، وَإِكرَامُ مَشَاهِدِهِ وَأَمكِنَتِهِ مِن مَكَّةَ وَالمَدِينَةِ، وَمَعَاهِدِهِ، وَمَا لَمَسَهُ ﷺ أَو عُرِفَ به.

عَن صَفِيَّةَ بِنتِ نَجدَةَ قَالَت: كَانَ لِأَبِي مَحذُورَةَ قصَّةٌ (خَصلَةُ شَعَرٍ) فِي مُقَدَّمِ رَأسِهِ، إِذَا قَعَدَ وَأَرسَلَهَا أَصَابَتِ الأَرضَ، فَقِيلَ لَهُ: أَلَا تَحلِقُهَا؟! فَقَالَ: لَم أَكُن بِالَّذِي أَحلِقُهَا وَقَد مَسَّهَا رَسُولُ اللهِ ﷺ بِيَدِهِ.

وَكَانَت فِي قَلَنسُوَةِ خَالِدِ بنِ الوَلِيدِ شَعَرَاتٌ مِن شَعَرِهِ ﷺ، فَسَقَطَت قَلَنسُوَتُهُ فِي بَعضِ حُرُوبِهِ، فَشَدَّ عَلَيهَا شَدَّةً أَنكَرَ عَلَيهِ أَصحَابُ النَّبِيِّ ﷺ كَثرَةَ مَن قُتِلَ فِيهَا، فَقَالَ: لَم أَفعَلهَا بِسَبَبِ القَلَنسُوَةِ، بَل لِمَا تَضَمَّنَتهُ مِن شَعَرِهِ ﷺ، لِئَلَّا أُسلَبَ بَرَكَتَهَا وَتَقَعَ فِي أَيدِي المُشرِكِينَ.

ورؤي ابنُ عُمَرَ وَاضِعًا يَدَهُ عَلَى مَقعَدِ النَّبِيِّ ﷺ مِنَ المِنبَرِ ثُمَّ وَضَعَهَا عَلَى وَجهِهِ، وَلِهَذَا كَانَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللهُ لَا يَركَبُ بِالمَدِينَةِ دَابَّةً وَكَانَ يَقُولُ: أَستَحيِي مِنَ اللهِ أَن أَطَأَ تُربَةً فِيهَا رَسُولُ اللهِ ﷺ بِحَافِرِ دَابَّةٍ.اهـ

قوله رحمه الله في تسمية ملك الموت بعزرائيل

بَيَّنَ القَاضِي عِيَاضٌ هَذِهِ المَسأَلَةَ فِي الشِّفَا، فَنَقَلَ الإِجمَاعَ عَلَى تَسمِيَةِ مَلَكِ المَوتِ بِعَزرَائِيلَ بِقَولِهِ: أَو عَلَى مُعَيَّنٍ مِمَّن حَقَّقنَا كَونَهُ مِنَ المَلَائِكَةِ وَالنَّبِيِّينَ مِمَّن نَصَّ اللهُ عَلَيهِ فِي كِتَابِهِ، أَو حَقَّقنَا عِلمَهُ بِالخَبَرِ المُتَوَاتِرِ وَالمُشتَهِرِ المُتَّفِقِ عَلَيهِ بِالإِجمَاعِ القَاطِعِ، كَجِبرِيلَ، وَمِيكَائِيلَ، وَمَالِكٍ، وَخَزَنَةِ الجَنَّةِ وَجَهَنَّمَ، وَالزَّبَانِيَةِ، وَحَمَلَةِ العَرشِ المَذكُورِينَ فِي القُرآنِ مِنَ المَلَائِكَةِ، وَمَن سُمِّيَ فِيهِ مِنَ الأَنبِيَاءِ، ‌وَكَعِزرَائِيلَ.اهـ

قَالَ مُلَّا عَلِيٌّ القَارِيُّ فِي شَرحِهِ لِهَذَا المَوضِعِ: أَيِ المُعَبَّرِ عَنهُ بِمَلَكِ المَوتِ فِي قَولِهِ تَعَالَى: ﴿قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ﴾، [سورة السجدة: 11].اهـ

قوله رحمه الله في زيارة القبور

كَانَ يَرَى رَحِمَهُ اللهُ جَوَازَ زِيَارَةِ قَبرِ النَّبِيِّ ﷺ خَاصَّةً بَل وَقُبُورَ المُسلِمِينَ عَامَّةً، فَقَالَ فِي كِتَابِهِ الشِّفَا: ‌وَزِيَارَةُ ‌قَبرِهِ ﷺ سُنَّةٌ مِن سُنَنِ المُسلِمِينَ مُجمَعٌ عَلَيهَا، وَفَضِيلَةٌ مُرَغَّبٌ فِيهَا.

عَنِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: “مَن زَارَ قَبرِي وَجَبَت لَهُ شَفَاعَتِي“، وَعَن أَنَسِ بنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: “مَن زَارَنِي فِي المَدِينَةِ مُحتَسِبًا كَانَ فِي جِوَارِي، وَكُنتُ لَهُ شَفِيعًا يَومَ القِيَامَةِ“، وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ: “مَن زَارَنِي بَعدَ مَوتِي فَكَأَنَّمَا زَارَنِي فِي حَيَاتِي“.اهـ

قوله رحمه الله في حكم ساب الله أو النبي أو دين الإسلام

قَد بَيَّنَ رَحِمَهُ اللهُ جُملَةً مِن مَسَائِلِ بَابِ الرِدَّةِ فِي حُكمِ مَن يَقُولُ بَعضَ العِبَارَاتِ وَحُكمِ سَابِّ اللهِ وَسَابِّ النَّبِيِّ وَدِينِ الإِسلَامِ، وَمِن جُملَةِ ذَلِكَ قَولُهُ فِي كِتَابِ الشِّفَا أَيضًا: قَالَ القَاضِي أَبُو الفَضلِ: لَا خِلَافَ أَنَّ سَابَّ اللهِ تَعَالَى مِنَ المُسلِمِينَ كَافِرٌ ‌حَلَّالُ ‌الدَّمِ.اهـ

وَقَالَ: قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصحَابُهُ: مَن بَرِئَ مِن مُحَمَّدٍ أَو كَذَّبَ بِهِ فَهُوَ مُرتَدٌّ ‌حَلَالُ ‌الدَّمِ إِلَّا أَن يَرجِعَ.اهـ

وَقَالَ: وَكَذَلِكَ اليَهُودِيُّ وَالنَّصرَانِيُّ فَإِن تَابُوا قُبِلَ مِنهُم، وَإِن لَم يَتُوبُوا قُتِلُوا، وَلَا بُدَّ مِنَ الِاستِتَابَةِ، وَذَلِكَ كُلُّهُ كَالرِّدَّةِ، وَهُوَ الَّذِي حَكَاهُ القَاضِي ابنُ نَصرٍ عَنِ المَذهَبِ.

قوله رحمه الله في عصمة نبي الله إبراهيم عليه الصلاة والسلام

كَانَ مِمَّا افتَرَاهُ بَعضُ الجُهَّالِ عَلَى سَيِّدِنَا إِبرَاهِيمَ أَن قَالُوا شَكَّ إِبرَاهِيمُ فِي اللهِ بِقَولِهِ كَمَا جَاءَ فِي القُرءَانِ: ﴿هَٰذَا رَبِّي﴾، [سورة الأنعام : 76]، فَرَدَّ عَلَيهِمُ القَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى فَقَالَ فِي كِتَابِ الشِّفَا: وَذَهَبَ مُعظَمُ ‌الحُذَّاقِ مِنَ العُلَمَاءِ وَالمُفَسِّرِينَ إِلَى أَنَّهُ إِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ مُبَكِّتًا لِقَومِهِ، وَمُستَدِلًّا عَلَيهِم، وَقِيلَ مَعنَاهُ: الِاستِفهَامُ الوَارِدُ مَورِدَ الإِنكَارِ، وَالمُرَادُ فَهَذَا رَبِّي (عَلَى زَعمِكُم)؟!، قَالَ الزَّجَّاجُ: قَولُهُ: ﴿هَٰذَا رَبِّي﴾، [سورة الأنعام : 76]، أَي عَلَى قَولِكُم، كَمَا قَالَ: ﴿أَيْنَ شُرَكَائِيَ﴾، [سورة القصص: 62]، أَي عِندَكُم.

وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَم يَعبُد شَيئًا مِن ذَلِكَ وَلَا أَشرَكَ قَطُّ بِاللهِ طَرفَةَ عَينٍ قَولُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ عَنهُ: ﴿إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ﴾، [سورة الشعراء: 70]، ثُمَّ قَالَ: ﴿قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ * أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ * فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ﴾، [سورة الشعراء: 75 – 77]، وَقَالَ: ﴿إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾، [سورة الصافات: 84]، أَي مِنَ الشِّركِ، وَقَولُهُ: ﴿وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ﴾، [سورة إبراهيم: 35].

وفاته رحمه الله

تُوُفِّيَ فِي سَنَةِ أَربَعٍ وَأَربَعِينَ وَخَمسِ مِائَةٍ، فِي رَمَضَانِهَا وَقِيلَ: فِي جُمَادَى الآخِرَةِ فِي لَيلَةِ الجُمُعَةِ بِمَرَّاكُشَ، وَمَاتَ ابنُهُ فِي سَنَةِ خَمسٍ وَسَبعِينَ وَخَمسِمِائَةٍ، وَقَالَ ابنُ بَشكوَالٍ: تُوُفِّيَ القَاضِي مُغَرَّبًا عَن وَطَنِهِ، فِي وَسَطِ سَنَةِ أَربَعٍ، وَقَد مَدَحَهُ الشَّاعِرُ عَلِيُّ بنُ هَارُونَ بِقَولِهِ:

ظَلَمُوا عِيَاضًا وَهوَ يَحلُمُ عَنهُمُ
وَالظُّلمُ بَينَ العَالَمِينَ قَدِيمُ

جَعَلُوا مَكَانَ الرَّاءِ عَينًا فِي اسمِهِ
كَي يَكتُمُوهُ وَشَأنُهُ مَعلُومُ

لَولَاهُ مَا فَاحَت أَبَاطِحُ سَبتَةٍ
وَالرَّوضُ حَولَ فِنَائِهَا مَعدُومُ

وَاللهُ تَعَالَى أَعلَمُ وَأَحكَمُ، وَالحَمدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ.

المصادر

هَذِهِ المَسَائِلُ مَجمُوعَةٌ وَمُلَخَّصَةٌ مِنَ:

  1. القُرءَانِ الكَرِيمِ.
  2. سِيَرِ أَعلَامِ النُّبَلَاءِ لِابنِ كَثِيرٍ.
  3. تَهذِيبِ الكَمَالِ لِلحَافِظِ المِزِّيِّ.
  4. إِكمَالِ المُعلِمِ لِلقَاضِي عِيَاضٍ.
  5. الشِّفَا بِتَعرِيفِ حُقُوقِ المُصطَفَى لِلقَاضِي عِيَاضٍ.
  6. مُعجَمِ البُلدَانِ لِيَاقُوتَ الحَموِيِّ.
  7. وَفِيَّاتِ الأَعيَانِ لِابنِ خِلِّكَانَ.
  8. المِصبَاحِ المُنِيرِ لِلفَيُّومِيِّ.
المجاهد باسل طارق بن زياد رحمه الله

المجاهد الباسل طارق بن زياد رحمه الله

بِسمِ اللهِ الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ الحَمدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللهِ، أَمَّا بَعدُ: المقدمة…

ربما يعجبك أيضا

Total
0
Share