كيف لا نعشق محمدا

محبة النبي ﷺ، كيف يكون حب الرسول؟

بِسمِ اللهِ الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ

الحَمدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللهِ، أَمَّا بَعدُ:

قَالَ اللهُ تَعَالَى

﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾

سورة التوبة : 128

جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، كَيْفَ تَقُولُ فِي رَجُلٍ أَحَبَّ قَوْمًا وَلَمْ يَلْحَقْ بِهِمْ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ

المَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ

رواه البخاري في صحيحه

فَكَيفَ بَعدَ هَذَا لَا يَعشَقُ العَاشِقُونَ مُحَمَّدًا ﷺ وَكَيفَ لَا يَهِيمُ الهَائِمُونَ بِمُحَمَّدٍ ﷺ وَكَيفَ لَا يَتَوَلَّهُ الوَالِهُونَ بِمُحَمَّدٍ ﷺ.

كيف لا نعشق محمدا

كَيفَ لَا نَعشَقُ مُحَمَّدًا ﷺ وَقَد أُعطِيَ صَفوَةَ آدَمَ، وَمَعرِفَةَ شِيثٍ، وَرِقَّةَ نُوحٍ، وَخُلَّةَ إِبرَاهِيمَ، وَرِضَا إِسحَاقَ، وَفَصَاحَةَ إِسمَاعِيلَ، وَحِكمَةَ لُقمَانَ، وَصَبرَ أَيُّوبَ، وَنَغْمَةَ دَاوُدَ، وَقُوَّةَ مُوسَى، وَزُهدَ عِيسَى، وَفَهمَ سُلَيمَانَ، وَطِبَّ دَانِيَال، وَوَقَارَ إِليَاسَ، وَعِصمَةَ يَحيَى، وَقَبُولَ زَكَرِيَّا وَغُمِسَ فِي أَخلَاقِ النَّبِيِّينَ صَلَواتُ رَبِّي وَسَلَامُهُ عَلَيهِم أَجمَعِينَ.

كَيفَ لَا نَعشَقُ مُحَمَّدًا ﷺ وَهُوَ حَبِيبُ رَبِّ العَالَمِينَ، كَيفَ لَا نَعشَقُ مُحَمَّدًا ﷺ وَهُوَ الَّذِي بَكَى شَوقًا وَخَوفًا عَلَى أُمَّتِهِ.

رَفَعَ النَّبِيُّ الأَكرَمُ ﷺ يَدَيْهِ وَقَالَ: “اللهُمَّ أُمَّتِي أُمَّتِي“، وَبَكَى، فَقَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: “يَا جِبْرِيلُ اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ، وَرَبُّكَ أَعْلَمُ، فَسَلْهُ مَا يُبْكِيكَ؟” فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، فَسَأَلَهُ فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ بِمَا قَالَ، وَاللهُ أَعْلَمُ بِذَلِكَ، فَقَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: “يَا جِبْرِيلُ، اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ، فَقُلْ: إِنَّا سَنُرْضِيكَ فِي أُمَّتِكَ، وَلَا نَسُوءُكَ

رواه مسلم

فَكَيفَ بَعدَ ذَلِكَ لَا نُحِبُّ مُحَمَّدًا ﷺ أَكثَرَ مِنْ مَحَبَّتِنَا لِأَنفُسِنَا.

حُبُّ النَّبِيِّ عَلَى الْأَنَامِ فَرِيضَةٌ *** وَلَا تَنسَ ذِكرَ الْهَاشِمِيِّ الأَكرَمِ

إِنَّ الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ وَسِيلَةٌ *** فِيهَا النَّجَاةُ لِكُلِّ عَبدٍ مُسلِمِ

صَلُّوا عَلَى الْقَمَرِ الْمُنِيرِ فَإِنَّهُ *** نُورٌ تَبَدَّى فِي الْغَمَامِ المُظلِمِ

رَحِمَ العِبَادَ بِهِ عَزِيزٌ قَادِرٌ *** فَالشُّكرُ للهِ العَلِيِّ المُنعِمِ

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ مَا اتَّصَلَت عَينٌ بِنَظَرٍ، وَتَزَخرَفَت أَرضٌ بِمَطَرٍ، وَحَجَّ حَاجٌّ وَاعْتَمَرَ، وَلَبَّى وَنَحَرَ، وَحَلَقَ وَقَصَّرَ، وَطَافَ بِالْبَيْتِ وَقَبَّلَ الْحَجَرَ.

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ صَلَاةً لَا نَفَادَ لَهَا وَلَا انْقِطَاعَ، صَلِّ اللهم عَلَيْهِ عَدَدَ مَن يُصَلِّي عَلَيْهِ، وَعَدَدَ مَن لَم يُصَلِّ عَلَيْهِ إِلَى يَوْم الْقِيَامَةِ، اللهم صَلِّ عَلَيْهِ عَدَدَ ذِكرِ الذَّاكِرِينَ وَغَفلَةِ الغَافِلِينَ.

كَيفَ لَا نَعشَقُ مُحَمَّدًا ﷺ وَهُوَ القَائِلُ ﷺ: “وَدِدْتُ أَنَّا قَدْ رَأَيْنَا إِخْوَانَنَا” قَالُوا: أَوَلَسْنَا إِخْوَانَكَ يَا رَسُولَ اللّهِ؟ قَالَ: “أَنْتُمْ أَصْحَابِي، وَإِخْوَانُنَا الَّذِينَ لَمْ يَأْتُوا بَعْدُ“، رواه مسلم.

ازدَادُوا عِشقًا لِمُحَمَّدٍ ﷺ الَّذِي كَانَ يَقُولُ لِجِبرِيلَ عَلَيهِ السَّلَامُ فِي مَرَضِ وَفَاتِهِ: “مَنْ لأُمَتِي بَعْدِي“، فَأَوحَى اللهُ تَعَالَى إِلَى جِبرِيلَ عَلَيهِ السَّلَامُ: أَنْ بَشِّرْ حَبِيبِي أَنِّي لَا أَخْذُلُهُ فِي أمَّتِهِ، وبَشِّرْهُ بِأَنَّهُ أَسرَعُ النَّاسِ خُرُوجًا مِنَ الأَرضِ إذَا بُعِثُوا، وَسَيِّدُهُم إِذَا جُمِعُوا وَأَنَّ الجَنَّةَ مُحَرَّمَةٌ عَلَى الأُمَمِ (يَعنِي مَمنُوعَةٌ) حَتَّى تَدْخُلَهَا أُمَّتُهُ، فَقَالَ ﷺ: “الآنَ قَرَّتُ عَيْنِي“، رواه الطبراني.

ازدَادُوا عِشقًا لِمُحَمَّدٍ ﷺ الَّذِي كَانَ يَقُولُ لِأَصحَابِهِ وَهُوَ عَلَى فِرَاشِ المَوتِ: “فَأَقْرِؤُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ وَعَلَى مَنْ دَخَلَ فِي دِيْنِكُمْ بَعْدِي مِنِّي السَّلامَ ورحمةُ اللهِ”.

وَعَلَيكَ السَّلَامُ وَرَحمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ يَا حَبِيبِي يَا رَسُولَ اللهِ.

قلوب السلف تتوقد حبا برسول الله ﷺ

كَانَت قُلُوبُ السَّلَفِ الصَّالِحِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَن تَبِعَهُم بِإِحسَانٍ وَالأَئِمَّةِ الأَعلَامِ عَامِرَةً بِحُبِّ اللهِ وَحُبِّ رَسُولِهِ المُصطَفَى ﷺ وَقَد كَثُرَتِ الأَخبَارُ عَنهُم الَّتي تَدُلُّ عَلَى شِدَّةِ حُبِّهِم وَتَعظِيمِهِم لِنَبِيِّهِم ﷺ.

وَهَذَا الحُبُّ وَالعِشقُ وَالهُيَامُ الَّذِي كَانَ عِندَ الصَّحَابَةِ رِضوَانُ اللهِ عَلَيهِم وَغَيرِهِم مِنَ السَّلَفِ الصَّالِحِ لِنَبِيِّهِم ﷺ وَتَعظِيمُهُم لَهُ لَن نَستَطِيعَ حَصرَهُ بِمَقَالٍ فَهُوَ عَظِيمٌ كَثِيرٌ.

سُئِلَ عَلِيُّ بنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ يَومًا كَيفَ كَانَ حُبُّكُم لِرَسُولِ اللهِ ﷺ؟، فَقَالَ:

(كَانَ وَاللهِ أَحَبَّ إِلَيْنَا مِنْ أَمْوَالِنَا وَأَوْلَادِنَا وَآبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا وَمِنَ المَاءِ البَارِدِ عَلَى الظَّمَأ).

عَن أَبِي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ أَنَّهُ قَالَ

قُلتُ يَا رَسُولَ اللهِ إِذَا رَأَيتُكَ طَابَت نَفسِي وَقَرَّت عَينِي

رواه أحمد وابن حبان

وَمِمَّا وَرَدَ فِي شِدَّةِ مَحَبَّةِ الصَّحَابَةِ لِنَبِيِّهِم ﷺ وَشِدَّةِ تَعَلُّقِ قُلُوبِهِم بِرُؤيَتِهِ وَعَدَمِ تَحَمُّلِ مُفَارَقَتِهِ أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ المُصطَفَى ﷺ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ أَنتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِن أَهلِي وَمَالِي وَإِنِّي لَأَذكُرُكَ فَمَا أَصبِرُ حَتَّى أَجِيءَ إِلَيكَ فَأَنظُرَ إِلَيكَ، وَإِنِّي ذَكَرتُ مَوتِي وَمَوتَكَ فَعَرَفتُ أَنَّكَ إِذَا دَخَلتَ الجَنَّةَ رُفِعتَ مَعَ النَّبِيِّينَ وَإِن دَخَلتُهَا لَا أَرَاكَ، فَأَنزَلَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَولَهُ: ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَٰئِكَ رَفِيقًا﴾ [سورة النساء: 69]، فَدَعَا النَّبِيُّ ﷺ هَذَا الرَّجُلَ وَقَرَأَ عَلَيهِ هَذِهِ الآيَةَ، رواه أبو نعيم.

كيف لا نهوى محمدا

كَيفَ لَا نَهوَى وَنَعشَقُ مُحَمَّدًا ﷺ وَكَانَ يَشكُو لَهُ البَعِيرُ ثِقَلَ حِملِهِ، فَعَن عَبْدِ اللهِ بْنِ جَعْفَرٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ أَنَّهُ قَالَ: أَرْدَفَنِي رَسُولُ اللهِ ﷺ ذَاتَ يَوْمٍ خَلْفَهُ فَأَسَرَّ إِلَيَّ حَدِيثًا لَا أُحَدِّثُ بِهِ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ، ثم قَالَ: فَدَخَلَ حَائِطًا (أَي بُستَانًا) لِرَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَإِذَا فِيهِ جَمَلٌ فَلَمَّا رَأَى النَّبِيَّ ﷺ (أَي عِندَمَا رَأَى الجَمَلُ النَّبِيَّ ﷺ) حَنَّ إِلَيْهِ وَذَرَفَتْ عَيْنَاهُ، قَالَ: فَأَتَاهُ النَّبِيُّ ﷺ، فَمَسَحَ ذِفْرَاهِ (أي الْمَوْضِعَ الَّذِى يَعْرَقُ مِنْهُ خَلْفَ أُذُنِهِ)، فَسَكَنَ فَقَالَ: “مَنْ رَبُّ هَذَا الْجَمَلِ (أي مَنْ مالكُ هذَا الجملِ وصاحبُهُ) لِمَنْ هَذَا الْجَمَلِ؟” قَالَ: فَجَاءَ فَتًى مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ: هُوَ لِي يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ، فَقَالَ: “أَلَا تَتَّقِي اللهَ فِي هَذِهِ الْبَهِيمَةِ الَّتِي مَلَّكَكَ اللهُ إِيَّاهَا، فَإِنَّهُ شَكَى إِلَيَّ أَنَّكَ تُجِيعُهُ وَتُدْئِبُهُ (أَي تُتْعِبُهُ)”، رواه أبو داود وغيره.

اللهم اجمَعنَا بِمُحَمَّدٍ ﷺ، وَاحشُرنَا تَحتَ لِوَاءِ مُحَمَّدٍ ﷺ، وَثَبِّتنَا عَلَى عَقِيدَةِ مُحَمَّدٍ ﷺ، وَعَطِّف عَلَينَا قَلبَ مُحَمَّدٍ ﷺ.

اللهم صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَاةً تَقضِي بِهَا حَاجَاتِنَا، وَتُفَرِّجُ بِهَا كُرُبَاتِنَا، وَتَكفِينَا بِهَا شَرَّ أَعدَائِنَا، إِنَّكَ يَا رَبَّنَا عَلَى كُلِّ شَىءٍ قَدِيرٌ.

وَاللهُ تَعَالَى أَعلَمُ وَأَحكَمُ، وَالحَمدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ.

يوشك أن ‌تداعى ‌عليكم ‌الأمم

بِسمِ اللهِ الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ الحَمدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللهِ، أَمَّا بَعدُ: مقدمة…

ربما يعجبك أيضا

Total
0
Share